لماذا نزرع الاهتمام بفلسطين في نفوس الشباب؟
تاريخ النشر: 2 جمادى الأولى 1445هـ الموافق 15 نوفمبر 2023م
عدد الزيارات : 262
إنشر المقال :
المسلمون مطالبون شرعاً بالاهتمام بمآسي المسلمين في أي مكان بالعالم، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم". وقال: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
فالرابطة الايمانية والأخوية الإسلامية تحتم علينا ونحن هنا في الدوحة أن نشعر بهموم إخواننا ولو كانوا في أقصى الأرض، فمهما بعدت المسافات فالرابطة التي بيننا وبينهم في مشارق الأرض ومغاربها أقوى من أي رابطة في الحياة، في الصين في الهند في أمريكا، ولو حتى في القطب الشمالي، فماداموا مسلمين يشهدون الشهادتين فعلينا تجاههم واجب لا يسقط مهما حدث.
أما إخواننا في غزة فأسأل الله تعالى أن ينصرهم على عدوهم وأن يفرج عنهم ما هم فيه، وأن يرحم شهيدهم، ويفك قيد أسراهم. فهؤلاء لهم علينا واجب مضاعف، فهم يخوضون أشرف معركة حاليًا مع عدو لا يرقب فيهم إلاً ولا ذمة، وإن الاهتمام بأمرهم ونصرتهم ليس تفضلا منا عليهم ولكنه واجب أصيل، فهم يدافعون نيابةً عنا عن شرف الأمة بأسرها أمام قوة جبارة غاشمة، ورغم ذلك يتعرضون لأبشع عمليات الإبادة والقتل وهدم المنازل، ولم يستثن منهم لا طفل ولا امرأة ولا شيخ، الجميع مستهدفون، وهناك عوائل بالكامل قد انمحت من الوجود بمنازلها. لذا يجب علينا عونهم ونصرتهم بكل ما أوتينا من قوة.
ثانيًا: أيضًا فلسطين بالذات لها خصوصية تميزها عن بقية بلاد العالم؛ لأن المسجد الأقصى فيها من صلب عقيدة المسلمين وليس مجرد قضية هامشية، فهو قبلة المسلمين الأولى، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا لها، والعديد من الفضائل والخصائص التي اختصت بها فلسطين المباركة، فهذا أمر عقدي لدينا نحن المسلمين.
ثالثًا: نهتم بقضايا المسلمين بصورة عامة وغزة بصورة خاصة ليشعر المسلمون هناك بأن لهم ظهيرا وسندا قويا في كافة أنحاء العالم، ويعرفوا أنهم ليسوا وحدهم، فمهما بلغ ضعفهم إلا أنهم أقوياء بعد الله تعالى بحوالي 2 مليار مسلم حول العالم، فيثبتوا ويعلم عدوهم كذلك أنه لا يمكنه أن ينفرد بهم، وأن لهم قوة كبيرة لن تمكّن عدوهم منهم، فيكون ذلك بمثابة درع حامي لهم من مزيد من الاعتداءات والظلم.
هذا على مستوى الأمة بشكل عام، أما على مستوى شبابنا وأطفالنا فهناك العديد من الأسباب التي تجعل كل محضن تربوي وكل أسرة تهتم بغرس مبدأ الاهتمام بأمر المسلمين في شبابها وأبنائها، وبخاصة القضية الفلسطينية التي لا تزال جرحا مفتوحا للأمة منذ أكثر من 75 عامًا:
أولاً: لكي نعلّم أطفالنا وشبابنا حقهم في الحرية والاستقلال، فما يقع في فلسطين ظلم واضح واحتلال، ويجب أن يفهم أطفالنا أن لكل شعب الحق في اختيار مصيره والعيش بحرية في أرضه. وهذا مبدأ تربوي أصيل، ألا يرضى الطفل والشاب بأن يعيش ذليلا أبدا لا هو ولا أحد من عائلته ولا أهل دينه في أي مكان بالعالم.
ثانيًا: ليتعلم الشباب والأطفال ثقافتهم وتاريخهم وتاريخ أمتهم العظيم، ففلسطين جزء أصيل من التاريخ والثقافة العربية والإسلامية، ومادمنا قد زرعنا ذلك في أبنائنا وشبابنا فلن يتمكن الاحتلال أبدا في انتزاع فلسطين من أحضان أمتنا مهما مرت السنين.
ثالثًا: ليتعلم الشباب أهمية التضامن مع المظلومين أيا كان جنسهم ولونهم وعقيدتهم، وهذا بعد أخلاقي مهم جدا؛ ليكون الشباب إيجابيا لا يقف متفرجا أمام مشاهد الاعتداء والانتهاكات، بل تكون له بصمة ودور فاعل في الحماية ودفع الظلم عن المظلومين ونصرتهم.
رابعًا: أيضا تعزيز الوعي السياسي لدى الأبناء والشباب، فهذا نوع من أنواع التربية السياسية، التي ترسخ لدى الطفل مبادئ من أهمها فهم الواقع السياسي في العالم وأسباب تحركات الدول وأصول اتخاذ القرارات، فهذا مما يعمّق تفكير الشاب والطفل ويجعل له وجهة نظر مبنية على أساسات منهجية وليست مجرد انطباعات عاطفية.