الهوية الإسلامية
تاريخ النشر: 21 رجب 1445هـ الموافق 1 فبراير 2024م
عدد الزيارات : 269
إنشر المقال :
إن الهوية الثقافية والحضارية لأمة من الأمم، هي القدر الثابت، والجوهر المشترك من السمات القسمات العامة، التي تميز حضارة هذه الأمة عن غيرها من الحضارات، والتي تجعل للشخصية طابعًا تتميز به عن الشخصيات الأخرى.
وفي أيامنا هذه تتكاثر المظاهر التي قد يراها البعض انفتاحًا وتقدمًا ورقيًا، في حين يراها الآخرون إذلالًا وتبعية وذوبانًا للهوية، ففي هذه الأيام يظهر جيل من الشباب الذي يتهافت على تقليد الغربيين في مظهرهم وضيعوا هويتهم الإسلامية، وذهبوا يتخبطون في ظلمة الحضارة المعاصرة بحثًا عن هوية، ظهرت نسخة مشوهة من الحضارة العربية بين بعض شبابنا، حيث ظهر من يقلدهم في لباسهم وأكلهم وشربهم وقصات شعورهم، بل وحتى في سعيهم البهيمي في إشباع شهواتهم، وظهر من الفتيات من تعرت، وتفسخت، وتركت حجابها، وظهرت على شاشات الفضائيات والقنوات مغنية أو راقصة، والأدهى من ذلك والأمر أن هناك من بني جلدتنا، وممن يتكلمون بألسنتنا من يسعون باسم الثقافة والتقدم إلى مزيد من طمس الهوية الإسلامية؛ فيسعون لكشف المحجبة، وإفساد المؤدبة، وإخراج المكنونة المستترة.
إن الأزمة بلغت إلى حد أن الأمة صارت تستورد قيمها من غيرها لتبني حضارتها، ولا شك أن هذه أعظم مخادعة للذات؛ لأنها تبني بيتها على جرف هارٍ، إن من يتصور أن في اتباع قيم الآخرين ومنهاج حياتهم الوقاية من بطش أمم شاء الله لها العلو في الأرض زمنًا والإفساد فيها إلى حين لَهُو واهم، ولمواجهه هذا الخطر وتدارك الأمر لابد من وضع حلول لتلك المشكلة، ومن أهمها بناء الإنسان البناء المتكامل ليكون في حجم التحدي، وتربيته على أخلاقيات عقائدية تمنحه المناعة الحضارية المطلوبة، والاستفادة من مكتسبات التكنولوجيا.
والانفتاح على الثقافة الغربية والاستفادة من تطورها العلمي والتكنولوجي ينبغي أن يكون من خلال استراتيجية تضمن إيجابية هذا الانفتاح؛ لأن الانفتاح المذموم هو الذي أدى إلى ذوبان الشخصية الثقافية بسبب الانهيار والاغتراب عبر منافذ الاختراق والتغريب، والإسلام لا يمنع الانفتاح المحكم الرامي نحو الاستفادة من علوم الآخرين النافعة، ولا شك أن المشروع الحضاري الإسلامي لا يمكن أن يحقق تميزه الإسلامي، ومن ثم أداء دوره العالمي وفق منهج الله إلا إذا ركن إلى العلم الشرعي بمعناه الواسع، وتم تأهيل العالم المسلم بحيث تكون دراسته لعلم الشريعة دراسة تأصيلية مرتبطة بالوقائع الحية التي تعيشها الأمة والعالم في هذا العصر.