خطتك في رمضان
تاريخ النشر: 5 شهر رمضان 1445هـ الموافق 15 مارس 2024م
عدد الزيارات : 224
إنشر المقال :
ها هو الشهر الكريم يطل علينا من جديد إطلالة المحب الحاني على محبيه الأوفياء، بعدما طال اشتياقهم إليه وعظمت لهفتهم عليه، وكيف لا تكتنفهم هذه المشاعر وتلك الأحاسيس وهم يعلمون أن رمضان هو شهر المغفرة والرحمة والعتق من النيران، شهر تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، وتسلسل فيه الشياطين، شهر من صام نهاره وقام ليله إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، شهر فيه ليله خير من ألف شهر، من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.
إنها النفحات الربانية والفيوضات الإلهية التي تستدعي من كل عبد مخبت منيب يرجو رحمة ربه ويخشى نقمته أن يتعرض لها ويغترف منها ويغمس نفسه فيها، ولئن كان كل إنسان يحرص الحرص كله على ما ينفعه في أمور دنياه ويتخذ من الخطط والتدابير ما يضمن له تحقيق أعلى درجات الإفادة من تلك المنافع الدنيوية، فمن غير المعقول ولا المقبول أن لا يسلك نفس المسلك، بل أضعافه المضاعفة مع هذا الخير العميم والنفع العظيم الذي يكون فيه شهر رمضان، والذي لا يضمن الواحد منا أن يكون من شاهديه في عام مقبل.
لا بد للحريص العاقل أن يجلس مع نفسه جلسة معمقة بين يدي هذا الحدث الجلل يصارحها فيها بما كان من تقصير في جنب الله وإخلال، ولا مبالاة وإهمال، وتضييع وإقلال، ثم يفتح أمامها خلال هذا الشهر الكريم آفاقًا رحبة من الرجاء في جبر ما انكسر ومد الطريق لما انزوى وانحسر، لا بد من خطة مدروسة ذات بنود واضحه تطال جوانب عديدة، وتطرق أبوابًا مهمة من جوانب وأبواب الخير التي لا غنى للسالك إلى الله تعالى عنها.
وفي مقدمة ذلك نوع العلاقة بينك -أخي الكريم- وبين الله تعالى التي تقوم على الإيمان به ربًا، لا معبود بحق إلا هو، له الأسماء الحسنى والصفات العلا، ثم الصلوات الخمس التي ينبغي أن تؤدى كما أداها المبعوث رحمة للعالمين؛ حيث ينادى بها وما يتلوها من نوافل تحبب العبد إلى ربه، ثم مال الله الذي استخلفكم عليه.
ففيه حق واجب وهو الزكاة، وفيه بعد ذلك الصدقة التي تجود بها نفسك على الفقراء والمحتاجين، ثم الصيام الذي تمسك فيه عن الطعام والشراب والشهوة والرفث وقول الزور والعمل به والجهل، وتصون قلبك وعقلك عن الهمم الدنية والأفكار الردية.
ثم لا تنس أن تجدد العهد ببيت الله الحرام بعمرة تؤديها في رمضان فتؤجر عليها بأجر حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا كتاب الله، حبله المتين وصراطه المستقيم، أقبل عليه وانهل منه، واتله حق تلاوته في شهره الذي فيه أنزل، صل رحمك، أحسن إلى جيرانك، أحبب الخير للغير وداوم على ذلك.