الحج عز وانتصار للمسلمين
تاريخ النشر: 16 ذو القعدة 1445هـ الموافق 24 مايو 2024م
عدد الزيارات : 230
إنشر المقال :
إن لهذه الفريضة الإسلامية جوانب كثيرة عظيمة، منها الجانب الأخلاقي، والجانب العقدي، والجانب الروحي، والجانب الإنساني، والجانب التربوي، وغير ذلك مما يتركه الحج في نفوس المسلمين من معانٍ وقيم سامية ترسخ فيهم الثوابت الإيمانية التي جاء بها الدين الحنيف بحيث تتضح على سلوكياتهم، وتشتمل عليها تعاملاتهم، فتكون ترجمه حقيقية وواقعًا ملموسًا يشهده الناس على حركاتهم وسكناتهم وحلهم وترحالهم وبيعهم وشرائهم وجدهم وهزلهم، فالحج مدرسة تربوية.
والناظر إلى الحج يرى وحدة المسلمين بتجمعهم لهدف واحد، وفي مكان واحد بلباس واحد، كلهم يسعى لذلك الهدف الذي اجتمع له أكثر من مليون مسلم بمكة المكرمة، فالحج انتصار للإسلام، وعزة للمسلمين، وامتداد لنور الله في الآفاق، ودخول الناس في دين الله أفواجًا.
لقد خاض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منذ أن وطئت قدماه المدينة النبوية معارك شديدة مع معسكر الكفر ولما يقارب ستة أعوام، في هذه المدة كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون في أشد الشوق إلى زيارة بين الله الحرام، فدعا أصحابه للسفر إلى مكة لأداء العمرة، وساقوا معهم الهدي، ونزلوا عن الحديبية، وأرسل لقريش يستأذنهم في دخول مكة، ويوضح لأهلها أن المسلمين لم يأتوا لحرب أو قتال، وإنما جاؤوا زائرين للبيت الحرام، ومعظمين له، ولكنهم أبوا أن يلبوا طلب المسلمين، وأسفرت المفاوضات عن عقد صلح الحديبية على أن يرجع المسلمون عامهم هذا ويدخلوا مكة ثلاثة أيام في العام القادم، ونزل قول الله تعالى: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبًا).
وفي العام السابع للهجرة دخل المسلمون مكة في شهر رجب، ولم يمض عام آخر بعد عمرة القضاء حتى نقضت قريش عهدها، فجهز الرسول جيشًا قوامه عشرة آلاف مقاتل وفتح مكة في رمضان من الثامن للهجرة دون قتال وحطم الأصنام.
رغم انهيار دولة الشرك: فقد ظل المشركون يؤدون الحج على طريقتهم الوثنية، فلما كان العام التاسع للهجرة نزلت سورة براءة معلنة تصفية الحج من كل مظاهر الجاهلية، وعندما توجس المسلمين كسادًا اقتصاديًا بسبب منع المشركين من الحج نزل قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم).
وفي العام العاشر للهجرة خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مائة ألف أو يزيدون لأداء حجة الإسلام والوداع والبلاغ، ونزل قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا) (المائدة من الآية 3).
وهكذا يتجدد الحج كل عام ليؤكد عزة المسلمين وانتصار الإسلام، ووحدة المسلمين، وقوة عباد الله المخلصين. وحريّ بمسلمي اليوم أن يغتنموا هذا المؤتمر السنوي الجامع، وهذا الجو الروحاني الرائع ليعيدوا للإسلام عزته، وللمسلمين أمجادهم، وما ذلك على الله بعزيز (ولينصرن الله من ينصره).
(اللهم اجمع كلمة المسلمين على منهج سيد المرسلين).